الاثنين، 15 أغسطس 2011

هجرة علنية


قررت ان اهاجر عالما اعيش فيه غريبة , عالما لست موجودة فيه ,عالما جعل اناني جثة محروقة لشخص مجهول الهوية , فلملمت بعض اشيائي الصغيرة بل كلها لانها تذكرني بما اتلذذ بتناوله على مائدة الذاكرة , اما اشيائي الكبيرة فاحتقرتها و جعلتها طعاما لسلة المهملات و دعتها وسط مطار اللاعودة .
خطوة ... خطوتان ... ثم ثلاث ...وصلت لعالمي الجديد , عالمي الذي استقبلني بلمسة زر , من هنا تعلمت قيمة البساطة و السرعة في الاداء , لم اكن استحق كل ذلك العناء في اللاوجود الاول في تلك الرحلة الشاقة التي استمرت تسعة اشهر تمنيت حينها لو اوقفت الموكب في منتصف الطريق لأقدم تقريري الموجز متضمنا ابرز شروطي , لم اكن ارغب في صياغة اول صرخة لتكون عنوانا لنهاية حتمية , تمنيت ان يعود يوم عقيقتي لاتمتع به ولو لثوان قليلة , يا لسخرية الحياة ... و يا لاكذوبة ديكات , لقد احسست بوجودي الفعلي في تلك الفترة التي كنت فيها جثة متحركة مكتفية بالتأمل دون تفكير ,اما الان اعيش في لاوجود قاتل رغم اني اصارع الثيران داخل دوامة تفكير ليس لها بداية ولا نهاية .
وبدون اي تعقيدات ولدت من جديد داخل عالم عشقته بكل تفاصيله , عالم رحب بي من اول لحظة و غمرني بالاحضان , انه عالم وجودي الاول دخلته من اوسع ابوابه دون خوف او تردد , خضت اول تجربة فيه فاستهوتني كثيرا و قررت الاستمرار دون تراجع , قررت ان اعود بالذاكرة قليلا للوراء لاقدم تقريري الموجز الذي عجزت عن تقديمه في اللاوجود الاول و اطبق شروطي بنفسي لأعيد الاعتبار لأناي, لألملم من جديد اشيائي الكبيرة التي تركتها في سلة المهملات و اعيد تصنيعها , قررت كسر المألوف و تكوين حالة مدنية جديدة تروقني و أروقها , شرفها دخول اخ اخجل ان اقول الاصغر لانه يكبرني بسنين كثيرة لا اعرف في اي عالم عاشها واذ عرفت يوما فحتما سألملم اشيائي من جديد وأتسلل اليه لاخذ الدكتوراه هناك , و كسرت المألوف من جديد ليصل الاب بعد الاخ , اب حنون مثالي يتمتع بذكاء غير مسبوق اخاف ان احسده عليه لدرجة انه جعلني في ايام معدودة اصير كتابا مفتوحا سهل القراءة , وفعلا نجح في فهمي و تكوين فكرتي العامة وا فكاري الجزئية بعدما انطلق من فرضية تبتث صحتها حينا و اخفقت حينا اخر و يستمر التحليل الى حين الوصول لصياغة عامة تروق القارئ و تنطبق مع المؤلف لان ابي عنيد مثلي لا يستسلم والجميل انه اطلق علي اسما يروقني (قصيدة).
جميل ان اكسر المألوف , جميل ان ادخل عالما افتراضيا لأصنع بعجينتي ما اريد, وجدت ابا و اخا و اختا واللائحة طويلة بل وحتى معنى الصداقة الطاهرة الذي كان يرعبني في ذلك العالم اصبح يروقني في عالمي الجديد , فككت العديد من الشفرات بابسط الطرق , استطعت اخراج الرصاصة من احشاء المريض بادنى خسائر .وفي انتظار اكتمال الصوة بوصول الام وبقية الاسرة لتكتمل شجرة العائلة الافتراضية بالرغم من ان فصائل دمنا مختلفة ...
يتبع...


الخميس، 11 أغسطس 2011

اين ساجدني؟؟؟

في لحظة تأمل
كسرت الصمت قائلة:
أنا أفكر إذن أنا موجودة
لكن يا ديكارت
أين أنا؟
و أين سأجدني؟
فقررت ان ابحث عني
لكن من اين أبدأ؟
و اين انتهي؟
غفوت قليلا...
فحملني طائران صغيران
أعلى ف أعلى
أيقظت روحي
على سفح جبل شامخ
عزفت لحن الخلود
والدموع تجرح الخدود
أترقب من بعيد
أبحث عني هنا و هناك
بمنظاري الصغير
الذي يقربني من الحقيقة المُرة
قمت لأطل من شرفة الذاكرة
ألتفت نحو اليمين
حيث تتوهج شعلة الأمل
و ألتفت نحو اليسار
حيث يتراكم ما بعثرته الرياح
سأدنو من الغذ
لأُصعق من جديد
لأعرف ان أناي
مر من امامي منذ قليل
ولم ينتظرني
تمددت إقامتي على سفح الجبل
أسير من زمن الى زمن
دون ان اعثر على ما ضاع
حفظت السيناريو عن ظهر قلب
أمشي كالسلحفاة
لا استطيع الدخول ولا الخروج
أخشى الصعود و أخشى النزول
بقيت وحيدة على السفح
أحسست اني في برزخ
بين الدنيا و الاخرة
بين منفى و قرية مجاورة
ومن فرط الزحام
ظلت سحابة سوداء طريقها الي
سكبتْ علي كأس أنين
يضم جرعات زائدة
زادتني شعورا بالحنين
و رغبة في مغادرة الجبل
لكن اين العصفوران
ليعيداني حيث كنت
او بالاحرى حيث لم اكن
كيف ساعود؟
ولما اتيت اصلا؟
ها انا افكر
ولم اجد اناي بعد
لم اقتنع اني موجودة
أراني جامدة في صورة متحركة
الطيور تعزف سيمفونيتها
الصقور تبحث عن فريستها
الفراشات تغازل بعضها
ولا احد منتبه لوجودي
أصرخ...
أنادي...
ما من مجيب
بقيت على السفح عشر سنين
الى ان سمعت صوتا ينادي
تعالي...
و كأنها ايماءة سحرية
مشيت فرحة بشيء اجهل هويته
لأصل الى حيث لا عودة
أحسست اني دخلت في حلم
يتبطئ عن قصد كي لا أراه
لمحت جنازة مارة امامي
توجه نظري صوب النعش
قلتها وانا مستغربة
انا هناك
وهناك انا
!!!

...

سألت عني
ولم اجد جواب
فررت مني
لاعود مجددا للعتاب
هل انا السائرة ام الدهر يسير؟
هل انا الثائرة ام ضحية الوجود العسير؟
التهمني الياس
ليمدني بنظارة سوداء
لازمتني منذ الولادة
الى الان
وما الان؟
على حد تعبير الجبراني المتبتل
وكما قال ساقول :
انا لست لي
انا اسيرة الوهم
فمازلت اتجرع سمومه قطرة قطرة
وجدت نفسي ضائعة في المجال
ناقص ما لانهاية مفتوح
الى الصفر المغلق
خشيت ان ابقى اسيرة الاعداد السلبية
اصبحت استعمل اسمي
اكثر مما يستعمله غيري
أناديني في كل حين
لأتأكد اني هنا
و لست هناك
ان اناي ملكي
وليس ملكا لغيري
ان اكون ولية امر نفسي
اكتشفت اني عداءة بطيئة
فالدهر يجري باقصى سرعة
وانا الازم نقطة الصفر
انتظر قطار الحياة
الذي سيحملني بعيدا
الى ارض الاحلام
حيث عيوني لن تنام
حيث سأحبني اكثر
حيث سارقص على رمال متحركة
دون ان تلتهمني
حيث ساعانق ملكة جمال السماء
دون ان تحرقني
هناك سادفن جثة المستحيل
هناك ساتسلق سور الصين العظيم
ساغفو عشرين سنة
عساني استيقظ يوما
لاجدني سبقت الدهر
دون مساعدة قطار الحياة
هناك سامشي حافية القدمية
دون الخوف من الاشواك
هناك سأتمتع بسحر الغابة
تحت ضوء القمر
بعدما اتسلم منصب ملكها
ساعتها ساجعل الذئاب تغرد
و تشرب كاس حليب قبل النوم
هناك ساعانق امواج البحر
دون ان اغرق
ساشيد منزل الاحلام
على برج ايفل
لاصير جارة القمر
ليحفر على ملامحي الزمن
ابتسامة الموناليزا
لاستطيع انتعال حذاء سندريلا
رغم ان حجم قدمي سيحرجني
و حتى لو انهار البرج
سيبقى عشي الصغير ثابثا
لأفند نظرية نيوتن
دون ان احتاج لمصباح سحري
فسحر الخيال يكفيني
لكن سرعان ما استيقظت
لاجد امامي صندوقا محكم الاغلاق
مفاتيحه في اعماق المحيط
فكيف لي ان اقفز و البرج قد انهار
ماذا عساني ان افعل سوى الانتظار
حتى تشرق شمس الصباح
لتسكت شهرزاد عن الكلام المباح

موعد الرحيل...تحت سيمفونية المطر



حان موعد الرحيل
فبكت السماء في ليلة قمرية
و عزف تشرين اخر سيمفونية
تسمرت الاميرة في الشرفة
تتأمل في صمت
تراقب لحظة سيادة العتمة
مع كل رنة وتر
يتم اغتيال نجمة بريئة
اغتيال حلم قاصر
ثمرة غير ناضجة
استهواها اللحن
لكن الشفقة سيطرت على مشاعرها
كان قلبها سريع الخفقان
تتأمل نجمتها المتلألئة
منتظرة لحظة الاغتيال
حيث تنصهر الكلمات
على الرمس العطر
تحت سيمفونية المطر
سمفونية عشق الخلود
التي تربطها بسحر الكون
و عظمة الخالق
جفونها تنغلق تلقائيا
عاجزة عن متابعة المشهد
لم تستطع اتمام لقطة الاحتضار
فالتفتت للجهة الخلفية
لتلمح امواج البحر الثائرة
المتراقصة على موسيقى التجاز
بحتث طويلا عن قصرها الرملي
فلمحته ثابثا في مكانه
عادت الابتسامة من جديد
لكن لحظة اغتياله اقتربت
و كأنها تعيش فيلم رعب
تنتظر بشغف وصول النهاية
قبل وصول شبح الاغتيال
وجدت نفسها في مفترق الطرق
وكل طريق اسوء من الاخر
كل درب مليء بالاشواك السامة
التي ستُميت احلامها الوردية
ستعيدها الى حيث لا امان
بدات ويلات الحزن تتجسد قبل الاوان
و دموع الفراق تنهمر دون توقف
حقدت على تشرين لاول مرة
اعتبرته عدوا اغتال احلامها البريئة
.
.
.
بعد مرور لحظات الشجن
و جفاف الدموع
توقفت السماء عن البكاء
دون سابق انذار
و انتهت سيمفونية المطر
التفتت الاميرة
لتجد بريق نجمتها متلألئا من جديد
و لتجد قصرها الرملي في ابهى حلته
ودعت تشرين بابتسامة حب
فرحل بعيدا الى موطنه
بعدما تبرئ من دماء الاغتيال