الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

ابناء الطبيعة...

نظرا لحبي الكبير بل و عشقي للطبيعة و للبحر حاولت ان ارحل اليها مرتجلة هذه القصيدة النثرية
التقيا في زحمة العمر
بعد صراع سنين طوال
عجوزان احبطهما الدهر
فلم يجدا لمصالحة الحياة مجال
وجدها جالسة القرفصاء
جانب بحيرة لامتناهية الجمال
فاقتحم عليها خلوتها
دون قيل ولا قال
استغرب صمتها
وتامل ملامحها
التي تختزل براءة الاطفال
جذبته الوان ملابسها
عباءتها الخضراء...
منديلها الازرق...
ونعلها البني...
لمح صورة غامضة
لعجوز ذات اغرب الخصال
ضغط عليه الفضول ليسالها:
من انت يا سيدتي؟
هل انت واقع ام خيال؟
قالت في همس:
انا ابنة الطبيعة...
احيتني مرات و مرات
و قتلتني بطعنة واحدة
استغرب العجوز كلامها
لم يفهم قصدها
فالتمس توضيحها
التفتت اليه...
تحررت من جلسة القرفصاء
كسرت ملامح التامل
فقالت بحكمة و تدبر:
عشقت الطبيعة من الصغر
احتضنتني و علمتني اجمل العبر
اترى تلك الشجرة الضخمة..
لقد ترعرعت معها
منذ ان كانت شتلة صغيرة
لطالما غفيت تحت ظلالها
و استيقظت على معزوفة عصافيرها
و خرير مياه هذه البحيرة الجميلة
هنا اقمت حفل زفافي
و هناك انجبت صغيرتي ياسمين
علمتها عشق الطبيعة
فعاشت اجمل طفولة
داعبت العصافير
جرت مع الفراشات
وتلذذت بحلاوة الثمار
واريج الازهار...
هنا...
على ضفة هذه البحيرة
فقدت توازنها..
وهي تطارد صديقتها العصفورة
التي كانت تلقبها ب لولو
سقطت في البحيرة
حاولت اخراجها
لم استطع...
وهي تنادي باعلى صوتها
امي اعتني ب لولو
و لا تتركي الاطفال يتلفون زهرة الياسمين
دعيها تكبر...
فجرفتها المياه بعيدا
لم اصرخ...
ولم احزن...
جلست القرفصاء
وتسمرت هنا...
انتظر عودة ابنتي
و اهتم بزهرتها
و لولو صديقتها
عرفت انها في امان
كان بالي مطمئن عليها
فهي برفقة جدتها
.
.
.
تاثر العجوز بقصتها
قائلا:
عرفت الان...
لماذا انت عجوز شابة
لانك ابنة الطبيعة
لذلك لم ارى اثرا لتجاعيدك
و بصمة الطبيعة ظاهرة على ملابسك
قالت العجوز:
ومن انت يا سيدي؟
ما اتى بك الى هنا؟
اجاب بعد قهقهة دامت طويلا
انا ابن لولو...!!!
.
.
في هذا المكان...
قضيت نصف عمري
عانقت الانسام
و صنعت الاحلام
لطالما غفيت تحت التلال
و تسلقت قمم الجبال
هنا وجدت حياة حره
يملؤها حب و مسره
هنا غنيت...
وهناك ركضت...
ومن تلك الثمار اكلت
عشقت نغمة الاطيار
و عبق الازهار
هنا حماني الرحمان
و سقتني الطبيعة بالحنان
نسيت ظلم الحياة
وغدر اعز الناس
ابني الوحيد...
استعر مني بعد عمر مديد
جعلني اسيرا لدار العجزة
قضيت هناك سنين
وانا اشعر بالوحدة و الحنين
ذات صباح...
استيقضت على صوت عذب
صوت عصفورة جميلة
حطت على نافذة غرفتي
داعبتها...
اطعمتها...
ثم رفرفت بعيدا
حسدتها على حريتها
تمنيت لو اعارتني جناحيها
ظلت تزورني كل صباح
شكيت لها همي
فتحول صوتها العذب
الى انين من الالم
رفرفت ببطئ
وهي تلتفت الي
وكانها تطلب مني شيئا
لحقت بها....
الى ان وصلت الى هذه الجنة
احسست اني خرجت للتو
من قبر عميق
الم اقل لك ايتها العجوز
انا ابن لولو
بفضلها ولدت من جديد
واصبحت كل ايامي عيد
نسيت كل اشجاني
وفتحت صفحة جديدة
واصبحت ابن الطبيعة
اذن...
نحن ايتها العجوز
اخوان من ام واحدة
فجاة...
وصل شاب وسيم
على كتفه عصفور صغير
اقترب من العجوزان
وبلهفة قال
انا صديق تويتي
جئت لاخطب له لولو
حبهما كبير...
ولا اريد لهما الفراق
التفت العجوزان لبعضهما
ضحكا بسخرية

يتبع(بعد ان تنتهي التحضيرات لحفل زفاف لولو و تويتي )