الأحد، 27 مايو 2012

...


تفسير ابن خلدون لهجوم المرابطين على غانا 
لقد كان ابن خلدون ضمن الكُتَّاب المسلمين الذين كتبوا عن المرابطين وعن الممالك الإسلامية في السودان بما فيها مملكة غانا. وهو يَنقُل عن مصادرَ مثل الإدريسي وابن سعيد بن أبي زرع، كما هو واضح من إشاراته لمصادره. وهذه المصادر وإن سبقت ابن خلدون في الترتيب الزمني إلا أنها جميعها ليست بالطبع مصادرَ معاصرةً لأحداث الفتح. وقد انفرد ابن خلدون مِن بَيْن هذه المصادرِ وغيرها بإيراد نص قصير يصف فيه بعض أحداث هجوم المرابطين على غانا. يقول ابن خلدون في ذلك: "ثم إن أهل غانية ضَعُف مُلكهم، وتلاشى أمرُهم واستفحل أمْر الملثَّمين المجاورين لهم من جانب الشمال مما يلي البربر كما ذكرناه وعبَروا على السودان، واستباحوا حِماهم وبلادهم، واقتَضَوْا منهم الإتاوات والجِزَى، وحَمَلُوا كثيرًا منهم على الإسلام فدانوا به"[77].
وبصرف النظر عن قِصَر النص، وعن بُعْدِ ابن خلدون الزماني والمكاني عن الأحداث إلا أننا نرى أنَّ للنص أهميةً تجعله جديرًا بالدراسة، وذلك لسببين:

الأول: عَلاقة النص المباشرة بجهاد المرابطين في غانا، وبالتالي هدفهم من الهجوم عليها، وهو موضوع البحث الذي بين أيدينا.

الثاني: كون عبارات النص تُدِين في ظاهرها المرابطين؛ حيث تُظهِر الهجوم وكأنه مجرد عدوان على غانا، وطمع مادي فيها.
لذلك فإن المرء لا يملك إلا أن يتساءل هل قصد ابن خلدون هذا المعنى؟ وهل تحدث ابن خلدون عن المرابطين في مواضع أخرى بما يؤيد ذلك؟ وهل ما ذكره في هذه المواضع ينسجم مع ما ورد من إشارات عن المرابطين في المصادر الأخرى؟

وإن مناقشة النص السابق من خلال محاولة الإجابة على هذه التساؤلات ستُعِين في استجلاء المعنى المراد من عباراته، وتدعم في نفس الوقت ما سبق وقيل عن الهدف الرئيس من هجوم المرابطين على غانا.

فكقول ابن خلدون: "واستباحوا حماهم وبلادهم" يجب أن يُفهَم ضمن إطار ما كان المسلمون يتخذونه من خطوات قبل القيام بعملية الجهاد. والتفصيل في هذه الناحية يَخرُج بالطبع عن نطاق هذا البحث، إلا أننا نرى أنه من المفيد أن نشير هنا إلى الأمور الثلاثة التي كان يَعرِضها المسلمون على الجانب الأخر قبل الشروع في الحرب؛ حيث كان ذلك سُنَّةً في الإسلام، ففي الحديث الذي رواه "مسلم" في صحيحه ذُكرت الوصايا التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُوصِي بها مَن كان يؤمِّرهم على الجيوش، ومِن ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام-: ((وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلاَلٍ - فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ..)) وذَكَر النبي - عليه الصلاة والسلام - الإسلامَ ثم الجزية ثم الحرب[78]. ولما كان هدفُ المرابطين الأساسُ مِن حركتهم كان ردَّ الناس إلى الإسلام الصحيح، والعمل على نشر الإسلام، كما تبيَّن سابقًا؛ لذا فقد حَرَصوا على تطبيق السُّنَّة في عملية الجهاد، وقد ساروا في ذلك على مذهب الإمام مالك، فالبكري، وهو ممن عاصر قيام الحركة، يقول عن المرابطين: "وهم على السُّنَّة متمسكون بمذهب الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه -. وكان الذي نهج ذلك فيهم ودعا الناس إلى الرباط ودعوة الحق عبدُالله بن ياسين"[79] ويذكر ابن عذارى، في حديثه عن جهاد المرابطين في السنوات الأولى من قيام الحركة، أنه رأى كتابًا قديمًا كان قد بعث به الفقيه عبدالله بن ياسين إلى أهل الجبل الموالي لبلاد "لمتونة" يدعوهم للدخول في الإسلام وشريعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد كان أولئك القوم مشركين حسب ما ذكره ابن عذارى. [80] ويؤيد ذلك ما ذكره ابن أبي زرع في "الأنيس المطرب"، وهو أحد المصادر التي اعتمد عليها ابن خلدون، من أن ابن ياسين خطب في أتْباعه عند أول خروج لهم وبَيَّن أن عليهم أن يبدؤوا بالإنذار والدعوة وإبلاغ الحُجَّة قبل الشروع في الجهاد والدخول في الحرب[81].

وطبَّق المرابطون مبدأ التبليغ قبل الحرب كذلك مع البرغواطيين الذين عُدُّوا أهل كفر وضلال حسب ما أشارت إليه المصادر[82].

ولم يكتفِ المرابطون بتطبيق مبدأ الدعوة قبل الحرب في بلاد المغرب فقط، بل أخذوا به في الأندلس، فمِن ذلك أن يوسف بن تاشفين أرسل إلى "ألفونسو" يدعوه للدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب وذلك قبل معركة الزلاقة، التي حدثت سنة 479هـ / 1086م[83].

وعلى هذا الأساس فإن المرابطين لابد أن يكونوا قد ساروا في جهادهم ضد إمبراطورية غانا الوثنية حسَب السُّنَّة؛ إذ لا يوجد في المصادر ما يشير إلى أن المرابطين طبَّقوا أُسلوبًا آخرَ في جهادهم لهذه الإمبراطورية، فهُمْ يعلمون أنها تُمثِّل أمة كافرة. وإذا كان أسلافهم قد حملوا لواء الجهاد في السودان من قبلُ، فمِن البدهي أن يسير فيه المرابطون على الوجه المطلوب، وهم الذين نادوا بحركة التصحيح بعد أن ابتعدت قبائلهم عن الإسلام وتفرقت كلمتهم. وإذا كان الأمر كذلك فأبو بكر بن عمر إذًا لم يدخل بجيشه بلاد غانا وحِماها إلا بعد أن وجبت الحرب؛ فاستحل السيطرة عليها للقضاء على السلطة الوثنية، وإخضاع البلاد لحُكْم المسلمين، كما سبقت الإشارة إليه.

يذكر ابن خلدون في إشارته إلى الناحية المالية بعد فتح المرابطين لغانا، الإتاوات والجزية وذلك في قوله: "واقتضوا منهم الإتاوات والجزى". وقد يعود تفسير ذلك إلى احتمالين: الأول: أنه أورد إتاوات (جمع إتاوة) [84] كمرادف لكلمة جزى (جمع جزية) [85]، الثاني: أنه أراد التفصيل فقصد بالإتاوة ضريبة الأرض كالخراج، وبالجزية ضريبة الرأس كما ورد في كُتُب الأحكام[86]. وابن خلدون لم يكن بالطبع شاهِدَ عِيان، ولكن ليس من المتوقَّع - مع مكانة ابن خلدون العلمية وثقافته الدينية - أن لا يتوافق قصده مِن هذه المفردات مع ما ورد في كتب الفقه.

ومما يقوي وجهة النظر هذه أننا لو نظرنا إلى تاريخ حركة المرابطين من بدايته؛ لوجدنا أن مِن أبرز الأمور التي أجمع عليها المؤرخون الذين اهتموا بالكتابة عن حركة المرابطين - ومِن بينهم ابن خلدون نفسُه - رَفْضَ المرابطين أيَّ تدابير مالية لا تتوافق مع السُّنَّة من مكوسٍ وضرائبَ إضافيَّةٍ وما إلى ذلك، بل وتشدُّدَهم في هذا الأمر.

وقد رأينا البكري في نص سابق يثني على المرابطين؛ لقطْعِهم جميع المغارم[87]. وكذلك ابن عذارى لم يُغفِل هذه الناحية في إشارته إلى ما عُرِف به المرابطون مِن حرص على تطبيق السُّنَّة[88]. ويشير ابن أبي زرع إلى اهتمام عبدالله بن ياسين بمسألة الأموال، فيذْكُر أنه بعد الانتصارات التي حققها المرابطون في بلاد السوس أخرج ابن ياسين عمَّاله على نواحيها، وكان من ضمن ما ألزمهم به وشدَّد عليهم فيه أخذُ الزكاة والعشر، وإسقاطُ ما سوى ذلك من المغارم المُحدَثة[89]. والتزم المرابطون بهذه السياسة الجبائية في عهد يوسف بن تاشفين، فيذكر ابن أبي زرع أنه لم يكن في عهده طوال أيامه رسمُ مكس ولا مغارم، ولم يكن يجبي سوى ما أوجبه حُكْم الكتاب والسنة من الزكاة والأعشار وجزية أهل الذمة وأخماس غنائم المشركين[90]. ويؤكد ابن خلدون ذلك بإشارته إلى أن ابن تاشفين أنكر على أمراء الطوائف بالأندلس وجودَ المكوس والمغارم، وأنه تعهد برفع هذه المظالم، وتحرى العدل[91].

لذلك لابد لنا في تفسير العبارة السابقة لابن خلدون مِن أن ننظر إليها ضمن موقف المرابطين تُجاه الناحية المالية بوجه عام، إذ ليس من المتوقع أن يشذ المرابطون عن السُّنَّة في هذا المجال لمجرد تغيُّر المكان وقد ساروا عليها في كل جهادهم، خاصة وأن أبا بكر بن عمر، وهو الذي قاد الزحف على غانا، قد عُرف بالتقوى والورع، كما سبقت الإشارة إليه، ولم يكن في ذلك بأقل من عبدالله بن ياسين.

أما العبارة الأخيرة في النص والتي يقول فيها ابن خلدون: "وحَمَلوا كثيرًا منهم على الإسلام فدانوا به" فمن الواضح أنه لا يقصد أن المرابطين كانوا يُكرِهون الناس بالقوة على اعتناق الإسلام إذ لو أمعنا النظر في عبارات أخرى لابن خلدون شبيهةٍ بهذه العبارة؛ لتأكد لنا ذلك، فهو عندما تحدث عن تاريخ الملثمين قبل حركة المرابطين أشار إلى جهادهم ضد أمم السودان الوثنية وقال ما نصه: "وجاهدوا مَن بها مِن أمم السودان وحملوهم على الإسلام فدان به كثيرهم (هكذا في النص) واتقاهم آخرون بالجزية فقبلوها منهم"[92]. وفي عبارة أخرى يستخدم ابنُ خلدون نفس المعنى أيِ الدخول في الجهاد ضد الفئة المخالفة، حيث يقول عن ابتداء خروج المرابطين للجهاد: "ولما كَمُل معهم ألفٌ من الرجالات قال لهم شيخهم عبدالله بن ياسين: إن ألفًا لن تُغْلَبَ من قِلَّةٍ، وقد تعيَّن علينا القيامُ بالحق، والدعاء إليه، وحَمْلُ الكافَّة عليه فاخرجوا بنا لذلك فخرجوا"[93]. فكلمة "حمل" في هذه الاستخدامات لا تعني إجبار الناس بالقوة، أو إكراههم فرادى على الدخول في الإسلام، بل تفيد مواجهة مَن يعترض طريق الإسلام، أو بمعنى آخر جهاده ومناجزته؛ حتى لا يكون سدًّا يحول دون انتشار الإسلام بَيْن مَن وراءه مِن الناس.

وأما بالنسبة لما كتبه ابن خلدون عن المرابطين في مواضع أخرى من تاريخه؛ فإنه يوجد فيه ما يبرهن بلا شك على أن ابن خلدون لا يقف موقفًا سلبيًّا منهم، فقد تحدث عن فتح المرابطين لمدينة "سجلماسة" وأشار إلى الإصلاحات التي قاموا بها في هذه المدينة بعد إخضاعها فقال: "وأصلحوا مِن أحوالها، وغيَّروا المنكرات، وأسقطوا المغارم والمكوس، واقتضوا الصدقات"[94]. وفي موضع آخر ذكر ابن خلدون أعمالَ الأمير أبي بكر بن عمر وأشار إلى جهوده في سبيل إخماد نار الفتنة التي تأجج أوارها بين قبيلتي "لمتونة" و"مسوفة"، وهما من أكبر قبائل البربر. كما أشار ابن خلدون إلى فتح هذا الأمير بابًا للجهاد في السودان لنشر الإسلام بين الوثنيين[95]. وذكر أيضًا مزية أخرى للمرابطين على جانب من الأهمية وهي اهتمامهم بأمن الرعايا وسلامتهم من ظلم واستبداد بعض الجماعات والقبائل حيث قال: "ثم صرف عَزْمَهُ (أي يوسف بن تاشفين) إلى مطالبة "مغراوة" وبني "يفرن" وقبائل "زناتة" بالمغرب، وجذب الخيل مِن أيديهم وكشف ما نزل بالرعايا مِن جورهم وعَسْفهم فقد كانوا مِن ذلك على ألم"[96].

خاتمة البحث:
لقد اتضح مِن البحث أن أبا بكر بن عمر، وهو ممن قادوا حركة المرابطين في جهادها في المغرب وفي الصحراء، زحف بجيشه مِن المرابطين على غانا؛ ليزيح السلطة الوثنية مِن الحُكْم وذلك بدافع الجهاد في سبيل الله وليس بدافع مادِّيّ.

أما تفسير ابن خلدون للهجوم فقد تبيَّن أنه لم يقصد توجيه أيّ اتهام للمرابطين لا بالعدوان ولا بالطمع المادي. وابن خلدون على العموم لا يقف موقفًا سلبيًّا تُجاه المرابطين ولا تُجاه جهادهم سواء في غانا أو في غيرها


السبت، 26 مايو 2012

قصيدة:كَلِمَاتٌ عِقَامْ... فِي وَصْفِ خَيْرِ اْلأَنَامْ


قصيدة:كَلِمَاتٌ عِقَامْ... فِي وَصْفِ خَيْرِ اْلأَنَامْ

كان يا مكان...
أشرقت شمس ذلك الزمان
نور كان الكون له في الإنتظار
 والأرض رحَّبت بما أتى
والأَسْحار غَنَّت لخير الأنام
جاء خير الورى
وعم نور الضُحى بالمكان
تَلأْلأَ البساط بالندى
وغَذَى الكافر كالنَوَى يَخَالْ
صبيحة يوم الاتنين أتى
زارعا البذور الأولى للإسلام
إِرْتَجَّتْ لقدومه جدران مكة
يتيم لكنه آية من الجمال
زهرة جميلة عَبِقَ أريجُها
مُعطّرا أبهى بستان
صبيحة يوم الإتنين
نُسِجت حكاية أعظم إنسان
طرق باب أمتنا محمد
عليه افضل الصلاة والسلام
بقدومه...
عم النور و انجلى الظلام
إندثر الباطل والحق بان
نُصر المظلوم..
والظالم سكت عن الكلام
بدأ الفقير يعي
ما معنى الأحلام
إنتهت أعمق الخصومات
وتحول لحن الصراخ إلى أنغام
جاءنا محمد مبشرا
وكان مسك الختام
بقدومه صفقت الأيادي
وبَطْشُ الأعادي ليس من المُحال
جاءنا بن عبد الله خير أُسْوَة
لوحة فنية من لَدُنِ الخالق ذو الجلال
كان مُنبها من نوم سُبات صار بنا
إلى هاوية السقوط من أعالي الجبال
دعوته رسول الله نجحت
و انتشلتنا من سوق الزِحَام
بفضله عشنا و أسلمنا
فأصبح لنا خير كيان
تخلصنا من زمن الجهل المظلم
فانتهى عهد الأوثان و الأصنام
أمير على رأسه تاج أخلاق
لازمه على وجه الدوام
تولى الحكم و كان خير مُنْصِفٍ
قاد الرَّكب وكان قائدا هُمام
لَيَّنَ عقول العِناد بهزيمةٍ
بحكمة كلامه دون إرغام
بقدومه فرَّ الشر من وَكْرِه
و فَاضت الرُّبوع بالوئام
تَهَدْهَدَ سكون الليل ناطقا
باستيقاظ عهد جديد والناس نِيام
جاءنا رسول صادق أمين
وكان للعالمين خير إمام
فيك يا حِرَاءُ وُلدت المعجزة
حيث محمد يتعبد ليالي طوال
يختلي بنفسه تأملا وتدبرا
متفكرا في ملكوث الخالق ذو الجلال
فيك يا حراء وصلت الرسالة
و بُلِّغ الوحي على يد جبريل عليه السلام
أبشرته خديجة بنبئ سعيد
ونبوة جديدة لأمة الإسلام
في ليلة القدر ثبتت الرؤيا
وبدأ نزول آيات من القران
بحكمة من الله جل جلاله
نُزِّل مُنَجَّماً على أيام و أعوام
إصطفاه ربه و خَيَّره
كان و يكون و سيكون خير الأنام
صبور حليم متسامح حكيم
جُمِعت فيه أجمل الخصال
كريم محترم صادق أمين
بينه و بين المعاصي مسافات وأميال
ملامح الفُحولة مرتسمة على وجهه
شجاع مقدام لا خطر يَخال
يُضحي بنفسه في سبيل أمته
ولا شيء يَهمه بقدر نشر الإسلام
رسول متكامل يستعصي وصفه
وبقدومه أصبحت الكلمات عِقام
وَيْحَكِ يا دَانِمَرْكُ أَلاَ تخجلي
ما كل هذا الإجرام
أُرسمي ما شِئتي في زمن الرِدَّة
ولا تنسَيْ تقبيل أنامِلِ الرسام
عساه يوما يُكسر صليبا
لكنه مجرد فأرجَبَان
فَجَّر حِقده على دين حنيف
بتشويه صورة خير إنسان
فانتظر رسم لوحتك التي
تشهد موعدك مع النيران
يا رسول الله عفوا و معذرة
فنحن في زمن الكل فيه مُهان
ماتتِ المشاعر وماعاد خجل
فلا عجب من قلب يسكنه الشيطان
صورة رسولنا مرسومة من الأَزَل
على يد الخالق الرحمان
فكيف لمُرْتَدٍّ خليع
أن يتنافس مع أبرع فنان
كل ما قُلتُه لحد الساعة
ومازالت كلماتي عِقام
رسول الله معجزة ربانية
تعجز عن وصفه الأقلام
فصلوا معي على خير بِرِيَّة
هو الحبيب،صلوا على سيد الأنام

                       بقلم : سناء الخشافي

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

قصيدة:اميرة بين يدي قرصان

لا أبالي لو تكدس الثلج في ضلوعي
فكل ضلع مصنوع من نار
و لا ابالي لو انطفئت احدى شموعي
فدروب ريمي تغزوها الانوار
اقتلعت انياب الظلمات
باصرار وكفاح
و دماء نازفات
فمن يقدر على سجن شمس الفجر ؟
و هل ينطفئ النور المتوهج في درب النصر ؟
وداعا سراديب الكفر
وداعا نيران الغدر
ومرحبا بالموكب الحر
مررت بين العابرين
فلمحت محياه الحزين
يبوح بكبت الف سر
فهل تكبت ارواح هاجت ضد اغلال الاسر ؟
و هل تستطيع الجدران خنق طنين الشعر ؟
عاش الاف القرون
ولم يتعلم يوما ان يلحد
لكنه تعلم ان يجلد
الهة باعت عرش قلمه
بأبخس الاثمان
استيقظ يوما ليرى
سعادته اصبحت مسروقة
و رفيقة عمره في دربها مشنوقة
أميرة ليست ككل الاميرات
اميرة من ورق
بين سطورها قلب يحب
دون أن يكره
رحلت بفؤاد جائع
و تركته في دروبها ضائع
يمر بين العابرين
و في اعماقه ديوان أنين
كان يغار عليها من لمسة نسيم
و نظرة طفل يتيم
يبحث بين رفوف المكتبات
و كومة الاوراق المبعثرة
عساه يلتقط بعض الكلمات
بعض الشفرات الضائعة
ليعيد الاميرة الى القصر
لينتشلها من يد القرصان
الهارب على سفينة مجهولة
وسط بحر ليس به ماء
تيقن من ضياع الاميرة
بكى الليالي فجفت الدموع
ناجى القمر على ضوء الشموع
فتوهجت شعلة امل جديدة
ليصنع بذلك اجمل قصيدة

قصيدة :شوقي للزيارة

مررت بين العابرين

فسمعت نبض شرايين الاشواق

وعلى درب كل الثائرين

فرت الجروح من الاعماق

توهج شوق الزيارة

و أفاقت النفس الأمارة

فاضت العيون

فتلألأت الدموع على ضوء الشموع

وصبت لهبا حارا على كل قلب

محب عاشق ولهان

تسكنه عصفورة طاهرة

فارة من على عسلوج الشجر

حيث الحنين في جذورها يغفو في شجن

أناجي,والمناجاة عكرت صفو الليالي

أترجى,و الشوق طاف في خيالي

أدعوك الهي

أصلي,أخشع,أتضرع

و الروح فيك اسيرة ا تشبع

أريد ان أقول

أريد ان أسمع

لبيك اللهم لبيك

لبيك اللهم لبيك

يا الهي ندعوك ليل نهار

ونستغفرك بالأسحار

بلغنا لأطهر البقاع

قبل يوم اللقاء

عسى تُفتح لنا ابواب السماء

عسانا نملئ دروبنا ضياء

قبل يوم الفناء

أذابتنا حرارة الأشواق

الى بقعة كادت الجباه تلتصق بها

خشية الفراق

شوقنا لأطهر الربوع

حيث لا تمر دقيقة دون خشوع

حيث انا و انتَ و انتِ

لا نملك سوى الخضوع

حيث النور متوهج دون شموع

فيا عين جودي و لا تجمدي

لرؤية الحبيب المحمدِ

دموع الشوق تنساب ندى

على بساط اروع مسجدِ

فحبيبنا بالشوق..بالحب..بالجوى

حيث بساط الغفلة انطوى

حيث لسعتنا نيران الهوى

فيا لشرف وطئ الاقدام

لموضع طهرته خطى خير الورى

عليه افضل الصلاة و السلام

هناك سنفرح لشرائنا الكفن

والتحافه بعيدا عن الوطن

بعيدا عن لحن الشجن

حيث العين تدمع

والقلب يخشع

والاذن تسمع

لبيك اللهم لبيك

لبيك لا شريك لك لبيك

ان الحمد والنعمة

لك و الملك

لا شريك لك

الاثنين، 15 أغسطس 2011

هجرة علنية


قررت ان اهاجر عالما اعيش فيه غريبة , عالما لست موجودة فيه ,عالما جعل اناني جثة محروقة لشخص مجهول الهوية , فلملمت بعض اشيائي الصغيرة بل كلها لانها تذكرني بما اتلذذ بتناوله على مائدة الذاكرة , اما اشيائي الكبيرة فاحتقرتها و جعلتها طعاما لسلة المهملات و دعتها وسط مطار اللاعودة .
خطوة ... خطوتان ... ثم ثلاث ...وصلت لعالمي الجديد , عالمي الذي استقبلني بلمسة زر , من هنا تعلمت قيمة البساطة و السرعة في الاداء , لم اكن استحق كل ذلك العناء في اللاوجود الاول في تلك الرحلة الشاقة التي استمرت تسعة اشهر تمنيت حينها لو اوقفت الموكب في منتصف الطريق لأقدم تقريري الموجز متضمنا ابرز شروطي , لم اكن ارغب في صياغة اول صرخة لتكون عنوانا لنهاية حتمية , تمنيت ان يعود يوم عقيقتي لاتمتع به ولو لثوان قليلة , يا لسخرية الحياة ... و يا لاكذوبة ديكات , لقد احسست بوجودي الفعلي في تلك الفترة التي كنت فيها جثة متحركة مكتفية بالتأمل دون تفكير ,اما الان اعيش في لاوجود قاتل رغم اني اصارع الثيران داخل دوامة تفكير ليس لها بداية ولا نهاية .
وبدون اي تعقيدات ولدت من جديد داخل عالم عشقته بكل تفاصيله , عالم رحب بي من اول لحظة و غمرني بالاحضان , انه عالم وجودي الاول دخلته من اوسع ابوابه دون خوف او تردد , خضت اول تجربة فيه فاستهوتني كثيرا و قررت الاستمرار دون تراجع , قررت ان اعود بالذاكرة قليلا للوراء لاقدم تقريري الموجز الذي عجزت عن تقديمه في اللاوجود الاول و اطبق شروطي بنفسي لأعيد الاعتبار لأناي, لألملم من جديد اشيائي الكبيرة التي تركتها في سلة المهملات و اعيد تصنيعها , قررت كسر المألوف و تكوين حالة مدنية جديدة تروقني و أروقها , شرفها دخول اخ اخجل ان اقول الاصغر لانه يكبرني بسنين كثيرة لا اعرف في اي عالم عاشها واذ عرفت يوما فحتما سألملم اشيائي من جديد وأتسلل اليه لاخذ الدكتوراه هناك , و كسرت المألوف من جديد ليصل الاب بعد الاخ , اب حنون مثالي يتمتع بذكاء غير مسبوق اخاف ان احسده عليه لدرجة انه جعلني في ايام معدودة اصير كتابا مفتوحا سهل القراءة , وفعلا نجح في فهمي و تكوين فكرتي العامة وا فكاري الجزئية بعدما انطلق من فرضية تبتث صحتها حينا و اخفقت حينا اخر و يستمر التحليل الى حين الوصول لصياغة عامة تروق القارئ و تنطبق مع المؤلف لان ابي عنيد مثلي لا يستسلم والجميل انه اطلق علي اسما يروقني (قصيدة).
جميل ان اكسر المألوف , جميل ان ادخل عالما افتراضيا لأصنع بعجينتي ما اريد, وجدت ابا و اخا و اختا واللائحة طويلة بل وحتى معنى الصداقة الطاهرة الذي كان يرعبني في ذلك العالم اصبح يروقني في عالمي الجديد , فككت العديد من الشفرات بابسط الطرق , استطعت اخراج الرصاصة من احشاء المريض بادنى خسائر .وفي انتظار اكتمال الصوة بوصول الام وبقية الاسرة لتكتمل شجرة العائلة الافتراضية بالرغم من ان فصائل دمنا مختلفة ...
يتبع...


الخميس، 11 أغسطس 2011

اين ساجدني؟؟؟

في لحظة تأمل
كسرت الصمت قائلة:
أنا أفكر إذن أنا موجودة
لكن يا ديكارت
أين أنا؟
و أين سأجدني؟
فقررت ان ابحث عني
لكن من اين أبدأ؟
و اين انتهي؟
غفوت قليلا...
فحملني طائران صغيران
أعلى ف أعلى
أيقظت روحي
على سفح جبل شامخ
عزفت لحن الخلود
والدموع تجرح الخدود
أترقب من بعيد
أبحث عني هنا و هناك
بمنظاري الصغير
الذي يقربني من الحقيقة المُرة
قمت لأطل من شرفة الذاكرة
ألتفت نحو اليمين
حيث تتوهج شعلة الأمل
و ألتفت نحو اليسار
حيث يتراكم ما بعثرته الرياح
سأدنو من الغذ
لأُصعق من جديد
لأعرف ان أناي
مر من امامي منذ قليل
ولم ينتظرني
تمددت إقامتي على سفح الجبل
أسير من زمن الى زمن
دون ان اعثر على ما ضاع
حفظت السيناريو عن ظهر قلب
أمشي كالسلحفاة
لا استطيع الدخول ولا الخروج
أخشى الصعود و أخشى النزول
بقيت وحيدة على السفح
أحسست اني في برزخ
بين الدنيا و الاخرة
بين منفى و قرية مجاورة
ومن فرط الزحام
ظلت سحابة سوداء طريقها الي
سكبتْ علي كأس أنين
يضم جرعات زائدة
زادتني شعورا بالحنين
و رغبة في مغادرة الجبل
لكن اين العصفوران
ليعيداني حيث كنت
او بالاحرى حيث لم اكن
كيف ساعود؟
ولما اتيت اصلا؟
ها انا افكر
ولم اجد اناي بعد
لم اقتنع اني موجودة
أراني جامدة في صورة متحركة
الطيور تعزف سيمفونيتها
الصقور تبحث عن فريستها
الفراشات تغازل بعضها
ولا احد منتبه لوجودي
أصرخ...
أنادي...
ما من مجيب
بقيت على السفح عشر سنين
الى ان سمعت صوتا ينادي
تعالي...
و كأنها ايماءة سحرية
مشيت فرحة بشيء اجهل هويته
لأصل الى حيث لا عودة
أحسست اني دخلت في حلم
يتبطئ عن قصد كي لا أراه
لمحت جنازة مارة امامي
توجه نظري صوب النعش
قلتها وانا مستغربة
انا هناك
وهناك انا
!!!

...

سألت عني
ولم اجد جواب
فررت مني
لاعود مجددا للعتاب
هل انا السائرة ام الدهر يسير؟
هل انا الثائرة ام ضحية الوجود العسير؟
التهمني الياس
ليمدني بنظارة سوداء
لازمتني منذ الولادة
الى الان
وما الان؟
على حد تعبير الجبراني المتبتل
وكما قال ساقول :
انا لست لي
انا اسيرة الوهم
فمازلت اتجرع سمومه قطرة قطرة
وجدت نفسي ضائعة في المجال
ناقص ما لانهاية مفتوح
الى الصفر المغلق
خشيت ان ابقى اسيرة الاعداد السلبية
اصبحت استعمل اسمي
اكثر مما يستعمله غيري
أناديني في كل حين
لأتأكد اني هنا
و لست هناك
ان اناي ملكي
وليس ملكا لغيري
ان اكون ولية امر نفسي
اكتشفت اني عداءة بطيئة
فالدهر يجري باقصى سرعة
وانا الازم نقطة الصفر
انتظر قطار الحياة
الذي سيحملني بعيدا
الى ارض الاحلام
حيث عيوني لن تنام
حيث سأحبني اكثر
حيث سارقص على رمال متحركة
دون ان تلتهمني
حيث ساعانق ملكة جمال السماء
دون ان تحرقني
هناك سادفن جثة المستحيل
هناك ساتسلق سور الصين العظيم
ساغفو عشرين سنة
عساني استيقظ يوما
لاجدني سبقت الدهر
دون مساعدة قطار الحياة
هناك سامشي حافية القدمية
دون الخوف من الاشواك
هناك سأتمتع بسحر الغابة
تحت ضوء القمر
بعدما اتسلم منصب ملكها
ساعتها ساجعل الذئاب تغرد
و تشرب كاس حليب قبل النوم
هناك ساعانق امواج البحر
دون ان اغرق
ساشيد منزل الاحلام
على برج ايفل
لاصير جارة القمر
ليحفر على ملامحي الزمن
ابتسامة الموناليزا
لاستطيع انتعال حذاء سندريلا
رغم ان حجم قدمي سيحرجني
و حتى لو انهار البرج
سيبقى عشي الصغير ثابثا
لأفند نظرية نيوتن
دون ان احتاج لمصباح سحري
فسحر الخيال يكفيني
لكن سرعان ما استيقظت
لاجد امامي صندوقا محكم الاغلاق
مفاتيحه في اعماق المحيط
فكيف لي ان اقفز و البرج قد انهار
ماذا عساني ان افعل سوى الانتظار
حتى تشرق شمس الصباح
لتسكت شهرزاد عن الكلام المباح